*****
في الوقت الذي نتحدث فيه عن التكنولوجيا الحديثة وعصر الانترنت والألفية الثالثة، لا تزال بعض قرى مصر تعيش عصور الخرافات والأساطير.. ومن بينها قرية "القصر" التابعة لمركز نجع حمادى بمحافظة قنا، والتي تعيش هى والقرى المجاورة لها على العديد من الأساطير التى لا يمكن للكثيرين أن يصدقوها.
فالمريض فى القرية لا يذهب إلى الطبيب ليشخص مرضه ويصف له العلاج منه أيا كان ما يعانيه ، حيث تنحصر خياراته في أمرين: إما أن يذهب إلى بئر يدعى "الشيخ مروان " ليشرب منه ، فماء البئر فى اعتقاد أهل "القصر" يشفى من كل الأمراض ، أو يذهب إلى أحد المشايخ بالقرية ليقوم بدهانه بسائل تم استخراجه من شجرة يقال أنها تبكى دما.
ترجع تسمية القرية ب"القصر" لوجود قصر أثرى يرجع للعصر الفرعونى ، كان مخصصا كمقر لحاكم محلى ، كما يوجد بالقرية دير أبو سيفين ، وهو دير من العصر القبطى ، وعدد من " الأضرحة" يقول أهل القرية أنها " لأولياء الله الصالحين " كل هذا التنوع فى التاريخ بين الفرعونى والقبطى والإسلامى جعل " القصر " قرية غنية بالحكايات والأساطير التى تنتمى لمختلف العصور.
وقد كشفت بعض الأبحاث التى أجريت على تاريخ هذه القرية أنها كانت فى يوم من الأيام عاصمة المنطقة الخامسة فى المرحلة الفرعونية، وكانت تسمى قديما " شينو بسكيون " أى مزرعة الأوز ، فقد كان حاكم القرية يقوم بتوريد ثلاثة آلاف أوزة أسبوعيا للفرعون.
اشتهرت " القصر " بين القرى المجاورة بأنها مسقط رأس الأنبا " باخوم ميوسس " مؤسس الرهبنة " الباخومية "على مستوى العالم ، كما اشتهرت فى العصر الإسلامى بإقامة " أولياء الله الصالحين " ويقال أن بها أربعين ضريحا، ومن أشهر الأولياء المدفونين " الشيخ مروان " صاحب بئر الشفاء والشيوخ : أبو عسران ، وأبو الفضل بن العباس ، وعبد الكريم المغرى ، والوتيدى ، وهو الأمر الذى جعل القرية ملجئا لألاف المواطنين من سكان القرى المجاورة طلبا للشفاء من الأمراض المستعصية والتماسا للبركة .
سكان "القصر " يعتبرون أن أشهر معالمها وأكثرها بركة هى "شجرة الشيخ حسن " نسبة إلى الشيخ حسن الأسوانى ، والتى يبلغ ارتفاعها حوالى 15 مترا ، وتحتل حرما خاص بها حوالى 300 متر ويبلغ عمرها 175 عاما ، ويسيل من جذورها سائل أحمر يشبه الدم ، يعتقد أهالى القرية أنها تبكى دما حزنا على فراق أولياء الله الصالحين ، واعتقادا منهم فى بركتها يقوم الأهالى بدفن أطفالهم الذين يتوفون تحتها حتى يعوضهم الله خيرا ، كما يوجد بالقرية سبع آبار قديمة لا يعرف أحد متى تم حفرها ويسود فى القرية اعتقاد بأنها حفرت منذ بدء الخلق ولا يستخدم منها سوى بئر واحدة وهى بئر الشيخ مروان التى تشهد كل يوما تجمعا لمئات الزائرين للاغتسال طلبا للشفاء من الأمراض المستعصية .